فصل: سنة اثنتين وخمس مئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة اثنتين وخمس مئة:

فيها حاصر جاولي الموصل، وبها زنكي بن جكرمش. فنجده السلطان قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش صاحب الروم. ففرّ جاولي ودخل قلج الموصل، وحلفوا له. ثم التقى جاولي وقلج أرسلان في ذي القعدة، فحمل قلج أرسلان بنفسه، وضرب يد حامل العلم بأبانها، ثم ضرب جاولي بالسيف فقطع الكزاغند، فحمل أصحاب جاولي على الروميّين فهزموهم، وبقي قلج أرسلان في الوسط فهمز فرسه ودخل الخابور. فدخل به الفرس في ماءٍ عميق غرّقه وطفا بعد أيام فدفن. وساق جاولي فأخذ الموصل وظلم وغشم.
وفيها التقى طغتكين أتابك دمشق، وابن أخت بغدوين بطبريّة، فأسره طغتكين وذبحه، وبعث بالأسرى إلى بغداد. ثم عقد بغدوين وطغتكين الهدنة أربع سنين.
وفيها أخذت الفرج حصن عرقة.
وفيها تزوج المستظهر بالله بأخت السُّلطان محمد.
وفيها ظهرت الإسماعيليّة بالشام وملكوا شيزر بحيلةٍ. فجاء عسكرها من الصيد فأصعدهم الذريّة في الجبال واقتتلوا بالسكاكين. فخذلت الباطنيّة وأخذتهم السيوف فلم ينج منهم أحدٌ، وكانوا مئة.
وفيها قتلت الباطنيَّة بهمذان قاضي قضاة أصبهان عبيد الله بن عليّ الخطيبيّ.
وقتلت بإصبهان يوم عيد الفطر أبا العلاء صاعد بن محمد البخارىّ، وقيل النيسابوريّ، الحنفيّ المفتي، أحد الأئمة، عن خمسٍ وخمسين سنة.
وقتلت بجامع آمل يوم الجمعة في المحرّم فخر الإسلام القاضي أبا المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، شيخ الشافعية، وصاحب التصانيف وشافعيّ الوقت. أملى مجالس عن أبي غانم الكراعي، وأبي حفص بن مسرور، وطبقتهما وعاش سبعاً وثمانين سنة. وعظم الخطب بهؤلاء الملاعين وخافهم كلُّ أمير وعالمٍ لهجومهم على الناس.
وفيهها توفي أبو القاسم الرَّبعيُّ عليُّ بن الحسين، الفقيه الشافعيُّ المعتزليُّ ببغداد. روى عن أبي الحسن بن مخلد البزّاز، وابن بشران. توفي في رجب عن ثمانٍ وثمانين سنة.
ومحمّد بن عبد الكريم بن خشيش، أبو سعد البغدادي، في ذي القعدة عن تسعٍ وثمانين سنة ببغداد. روى عن ابن شاذان.
وأبو زكريا التبريزي الخطيب صاحب اللغة، يحيى بن عليّ بن محمد الشيباني صاحب التصانيف. أخذ اللغة عن أبي العلاء المعرّي. وسمع من سليم بن أيّوب بصور، وكان شيخ بغداد في الأدب. توفّي في جمادى الآخرة عن إحدى وثمانين سنة.

.سنة ثلاث وخمس مئة:

في ذي الحجّة أخذت الفرنج طرابلس بعد حصار سبع سنين، وكان المدد يأتيها من مصر في البحر.
وفيها أخذوا بانياس وجبيل.
وفيها أخذ تنكر ابن صاحب انطاكية طرسوس وحصن الأكراد.
وفيها توفي أبو بكر أحمد بن المظفر بن سوسن التمّار ببغداد. روى عن الحرفي وابن شاذان. ضعَّفه شجاع الذهلي. وتوفي في صفر عن اثنتين وتسعين سنة.
وأبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الدِّهستاني الرُّؤاسيُّ الحافظ. طوّف خراسان والعراق والشام ومصر، وكتب مالا يوصف، وروى عن أبي عثمان الصابوني وطبقته. توفي بسرخس.
وأبو سعد المطرِّز محمد بن محمد بن محمد الإصبهانيُّ في شوّال، عن نيّف وتسعين سنة، سمع الحسين الحسين بن إبراهيم الجمّال، وأبا علي غلام محسن، وابن عبد كويه. وهو أكبر شيخ للحافظ أبو موسى المديني، سمع منه حضوراً.

.سنة أربع وخمس مئة:

فيها اخذت الفرنج بيروت بالسيف، ثم أخذوا صيدا بالمان.
وأخذ صاحب أنطاكية حصن الأثارب وحصن ذردنا. وعظم المصاب، وتوجّه خلقٌ من المطوّعة يستصرخون الدولة ببغداد على الجهاد، واستغاثوا، وكسروا منبر جامع السلطان، وكثر الضجيج. فشرع السلطان في أهبة الغزو.
وفيها توفي إسماعيل بن أبي الحسن عبد الغافر بن محمد الفارسي ثم النيسابوريّ أبو عبد الله. روى عن أبي حسّان المزكيّ، وعبد الرحمن بن حمدان النَّصروي وطبقتهما. ورحل فأدرك أبا محمد الجوهريّ ببغداد، توفي في ذي القعدة عن إحدى وثمانين سنة.
وأبو يعلى حمزة بن محمّد بن عليّ الزينبي البغداديُّ، أخو طراد الزّينبي. توفي في رجب وله سبع وتسعون سنة. والعجب كيف لم يسمع من هلال الحفّار. روى عن أبي العلاء محمد بن علي الواسطيّ وجماعة.
وإلكيا أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ الطبرستاني الهرَّاسي الشافعيّ، عماد الدين شيخ الشافعيّة ببغداد. تفقّه على إمام الحرمين. وكان فصيحاً مليحاً مهيباً نبيلاً. قدم بغداد ودرّس بالنظاميّة. وتخرّج به الأصحاب. وعاش أربعاً وخمسين سنة.
وأبو الحسين الخشّاب يحيى بن عليّ بن الفرج المصرّ، شيخ الإقراء.
قرأ بالروايات على ابن نفيس، وأبي الطاهر إسماعيل بن خلف، وأبي الحسين الشيرازي وتصدّر لٌقراء.

.سنة خمس وخمس مئة:

فيها جاءت عساكر العراق والجزيرة لغزو الفرنج، فنازلوا الرُّها فلم يقدروا، ثم ساروا وقطعوا الفرات، ونازلوا تلّ باشر خمسة وأربعين يوماً فلم يصنعوا شيئاً، واتفق موت مقدّمهم واختلافهم. فردُّوا، وطمعت الفرنج في المسلمين، وتجمعّوا مع بغدوين فحاصروا ضور مدّةً طويلة.
وفيها كانت ملحمةٌ كبيرةٌ بالأندلس بين ابن تاشفين والأدفونش. ونصر المسلمون وقتلوا وأسروا وغنموا مالا يعبَّر عنه، وذلَّت الفرنج.
وفيها توفي أبو محمد بن الآبنوسي عبد الله بن علي البغدادي الوكيل المحدِّث أخو الفقيه أحمد بن عليّ. سمع من أبي القاسم التنوخي والجوهريّ. توفي في جمادى الأولى.
وأبو الحسن بن العلاف عليُّ بن محمد بن عليّ بن محمد البغدادي الحاجب، مسند العراق، وآخر من حدَّث عن الحمَّامي. وكان يقول: ولدت في المحرّم سنة ست وأربع مئة، وسمعت من أبي الحسين بن بشران. توفي في المحرّم عن مئة إلا سنةً. وكان أبوه واعظاً مشهوراً.
وأبو حامد الغزّالي زين الدين حجّةّ الإسلام محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسيُّ الشافعيُّ، أحد الأعلام. تلمذ لإمام الحرمين، ثمَّ ولاه نظام الملك تدريس مدرسته ببغداد. وخرج له الأصحاب، وصنّف التصانيف، مع التصوّن والذكاء المفرط والاستبحار من العلم. وفي الجملة ما رأى الرجل مثل نفسه. توفي في رابع عشر جمادى الآخرة بالطّابران قصبة بلاد طوس، وله خمسٌ وخمسون سنة.
والغزّالي هو الغزّال وكذا العطّاري وهو العطار والخبّازي على لغة أهل خراسان.

.سنة ست وخمس مئة:

وفيها توفي أبو غالب أحمد بن محمد بن أحمد الهمذانيُّ العدل. روى عن أبي سعيد عبد الرحمن بن شبانة وجماعة، أو توفي في العام الآتي.
وفيها أبو القاسم إسماعيل بن الحسن السنجبستي الفرائضي توفي في صفر بسنجبست، وهي على مرحلة من نيسابور. روى عن أبي أبي بكر الحيري وأبي سعيد الصيرفي، وعاش خمساً وتسعين سنة.
والفضل بن محمد بن عبيد القشيريُّ النيسابوريُّ الصوفيُّ العدل. روى عن أبي حسان المزكيّ، وعبد الرحمن النَّصروي، وطائفة. وعاش خمساً وثمانين سنة، وهو أخو عبيد القشيري.
وأبو سعد المعمَّر بن عليّ بن أبي عمامة البغداديّ الحنبليّ الواعظ المفتي.
كان يبكي الحاضرين ويضحكهم، وله قبولٌ زائدٌ وسرعة جوابٍ وحدّة خاطر وسعة دائرة، روى عن ابن غيلان، وأبي محمد الخلال. توفي في ربيع الأوّل.

.سنة سبع وخمس مئة:

في المحرّم التقى عسكر دمشق والجزيرة وعسكر الفرنج بأرض طبرية، وكانت وقعةً مشهورةً. فقتلهم المسلمون قتلاً ذريعاً وأسروهم. وممن أسر ملكهم بغدوين صاحب القدس، لكن لم يعرف، فبذل شيئاً للّذي أسره فأطلقه.
ثم أنجدتهم عساكر انطاكية وطرابلس، وردّت المنهزمين فعقب لهم المسلمون، وانحاز الملاعين إلى جبل، ورابط الناس بإزائهم يرمونهم، فأقاموا كذلك ستة وعشرين يوماً. ثم سار المسلمون للغلا فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم ما بين القدس إلى عكّا. وردّت عساكر الموصل، وتخلَّف مقدّمهم مودود عند طغتكين بدمشق وأمر العساكر بالقدوم بالربيع فوثب على مودود باطنيٌ يوم جمعةٍ فقتله، وقتلوا الباطنيّ. ودفن مودود عند دقاق بخانكاه الطواويس ثم نقل إلى إصبهان.
وفيها توفي أبو بكر الحلوانيُّ أحمد بن عليّ بن بدران، ويعرف بخالوه.
ثقة زاهد متعبد. ورى عن القاضي أبي الطيّب الطبري وطائفة.
ورضوان صاحب حلب ابن تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان السلجوقيّ. ومنه أخذت الفرنج انطاكية. وملّكوا بعده ابنه ألب أرسلان الأخرس.
وشجاع بن فارس أبو غالب الذهليُّ السُّهروردي ثم البغدادي الحافظ، وله سبعٌ وسبعون سنة. نسخ ما لا يدخل تحت الحصر من التفسير والحديث والفقه لنفسه وللناس، حتى إنه كتب شعر ابن الحجّاج سبع مرّات. روى عن ابن غيلان وعبد العزيز الأزجيّ، وخلق توفي في جمادى الأولى.
والشاشيُّ المعروف بالمستظهريّ، فخر الإسلام أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين. شيخ الشافعية. ولد بميّافارقين سنة تسع وعشرين، وتفقّه على محمد بن ببيان الكازرونيّ، ثم لزم ببغداد الشيخ أبا إسحاق، وابن الصبّاغ. وصنّف وأفتى، وولّي تدريس النظاميّة، وتوفي في شوّال، ودفن عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
ومحمد بن طاهر المقدسيُّ الحافظ أبو الفضل، ذو الرحلة الواسعة والتصانيف والتعاليق. عاش ستّين سنة، وسمع بالقدس أوّلاً من ابن ورقاء، وببغداد من أبي محمد الصريفيني، وبنيسابور من الفضل بن المحبّ، وبهراة من بيبى، وبإصبهان وشيراز والريّ ودمشق ومصر من هذه الطبقة. وكان من أسرع الناس كتابة وأذكاهم وأعرفهم بالحديث. والله يرحمه ويسامحه.
قال إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ: أحفظ من رأيت محمد بن طاهر.
وقال السلفيُّ: سمعت ابن طاهر يقول: كتبت البخاري ومسلم وسنن أبي داود وابن ماجه سبع مرّات بالوراقة. توفي ببغداد في ربيع الأول.
وأبو المظفّر الأبيوردي محمد بن أبي العبّاس الأمويُّ المعاويُّ اللغويُّ الشاعر الأخباريّ النسّابة، صاحب التصانيف والفصاحة والبلاغة. وكان رئيساً عالي الهمّة، ذا بأوٍ وتيهٍ وصلف. توفي بإصبهان مسموماً.
وابن اللبّانة أبو بكر محمد بن عيسى اللخميّ الأندلسيّ الأديب.
من جلّة الأدباء وفحول الشعراء. له تصانيف عديدة في الآداب. وكان من شعراء دولة المعتمد بن عبّاد.
والمؤتمن بن أحمد بن عليّ أبو نصر الربعيُّ البغداديُّ الحافظ، ويعرف.
بالسّاجيّ. حافظٌ محققٌ، واسع الرِّحلة، كثير الكتابة، متين الورع والديانة. روى عن أبي الحسين بن النقور، وأبي بكر الخطيب وطبقتهما، بالشام والعراق وإصبهان وخراسان. وتفقّه وكتب الشامل عن مؤلفه ابن الصبّاغ. توفي في صفر عن اثنتين وستين سنةً. وكان قانعاً متعفّفاً.

.سنة ثمان وخمس مئة:

فيها هلك بغدوين صاحب القدس من جراحة أصابته يوم مصافّ طبريّة الذي مرّ.
وفيها مات أحمديل صاحب مراغة. وكان شجاعاً جواداً.
وعسكره خمسة آلاف فتكت به الباطنيّة.
وفيها توفي أحمد بن محمد بن غلبون، أبو عبد الله الخولانيّ القرطبيُّ ثم الإشبيليُّ، وله تسعون سنة. سمّعه أبوه معه من عثمان بن أحمد القيشاطيّ وطائفة. وأجاز له يونس بن عبد الله بن مغيث وأبو عمر الطلنمكيّ، وأبو ذرّ الهرويّ والكبار. وكان صالحاً خيّراً عالي الإسناد منفرداً.
وألب أرسلان صاحب حلب وابن صاحبها رضوان ابن تتش، السلجوقيُّ التركيُّ. تملّك وله ست عشرة سنة. فقتل أخويه بتدبير الباب لؤلؤ، وقتل جماعة من الباطنيّة. وكانوا قد كثروا في دولة أبيه. ثم قدم دمشق ونزل بقلعتها، ثم رجع وفي خدمته طغتكين. وكان سيّيء السيرة فاسقاً. فصله البابا وأقام أخاً له طفلاً له ست سنين. ثم قتل البابا سنة عشرة.
وأبو الوحش سبيع بن المسلِّم الدمشقيُّ المقرئ الضرير. ويعرف بابن قيراط. قرأ لابن عامر على الأهوازيّ ورشأ، وروى الحديث عنهما وعن عبد الوهاب بن برهان. وكان يقرئ من السحر إلى الظهر. توفي في شعبان عن تسع وثمانين سنة.
والنسيب أبو القاسم عليُّ بن إبراهيم بن العباس الحسينّي الدمشقيّ الخطيب الرئيس المحدِّث صاحب الأجزاء العشرين التي خرّجها له الخطيب. توفي ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة. قرأ على الأهوازي، وروى عنه وعن سليم، ورشأ، وخلق. وكان ثقةً نبيلاً محتشماً مهيباً سيّداً شريفاً،
صاحب حديث وسنّة.
ومسعود السلطان علاء الدولة، صاحب الهند وغزنة، ولد السلطان إبراهيم ابن السلطان مسعود ابن السلطان الكبير محمود بن سبكتكين. مات في شوّال، وتملّك بعده ولده أرسلان شاه وهو ابن عمة السلطان ملك شاه.

.سنة تسع وخمس مئة:

فيها قدم عسكر السلطان محمد الشام وعليهم برسق للانتقام من طغتكين لا للجهاد. فنهبوا حماة وهي لطغتكين. فاستعان بالفرنج فأعانوه. ثم سار برسق فأخذ كفر طاب وهي للفرنج. وساروا إلى المعرّة، فساق صاحب أنطاكية فكبس العسكر وكسرهم، ورجع من سلم مع برسق منهزمين نعوذ بالله من الخذلان. واستضرت الفرنج على أهل الشام.
وفيها توفي ابن مسلمة أبو عثمان إسماعيل بن محمد الإصبهاني الواعظ المحتسب صاحب تلك المجالس.
قال ابن ناصر: وضع حديثاً وكان يخلّط.
قلت: روى عن ابن ريذة وجماعة.
وأبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلميّ الهمذانيّ الحافظ صاحب كتاب الفردوس وتاريخ همذان وغير ذلك. توفي في رجب عن أربع وسبعين سنة، وغيره أتقن منه. سمع الكثير من يوسف بن محمد المستملي وطبقته، ورحل فسمع ببغداد من أبي القاسم بن البسري، وكان صلباً في السنة.
وغيث بن علي أبو الفرج الصوريُّ الأرمناريُّ خطيب صور ومحدّثها.
روى عن أبي بكر الخطيب، ورحل إلى دمشق ومصر، وعاش ستاً وستين سنة.
والشريف أبو يعلى بن الهبّاريّة محمد بن محمد بن صالح الهاشمي الشاعر المشهور الهجاء.
وأبو البركات بن السقطيّ هبة الله بن المبارك البغداديّ، أحد المحدِّثين الضّعفاء. له معجمٌ في مجلّد. كذّبه ابن ناصر.
ويحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس السلطان أبو طاهر الحميري صاحب إفريقية. نشر العدل وافتتح عدّة قلاعٍ لم يتهيأ لأبيه فتحها. وكان جواداً ممدحاً عالماً كثير المطالعة. توفي فجأةً يوم الأضحى، وخلّف ثلاثين ابناً، فملك بعده ابنه عليٌّ ستة أعوام ومات. فملّكوا بعده ابنه الحسن بن عليّ وهو مراهق.
فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنج طرابلس الغرب بالسيف سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، فخاف وفرّ من المهديّة والتجأ إلى عبد المؤمن.

.سنة عشر وخمس مئة:

فيها حاصر عليُّ بن باديس مدينة تونس، وضيّق على صاحبها أحمد ابن خراسان فصالحه على ما أراد وفيها كبس طغتكين الفرنج بالبقاع. فقتل وأسر، وكانوا قد جاءوا يعيشون في البقاع، وعليهم بدران بن صنجيل صاحب طرابلس فردّوا بأسوأ حال ولله الحمد.
وفيها توفي أبو الكرم خميس بن عليّ الواسطيّ الحوزيّ الحافظ. رحل وسمع ببغداد من أبي القاسم بن البسري وطبقته. وكان عالماً فاضلاً شاعراً.
وأبو بكر الشّيرويُّ عبد الغفّار بن محمد بن حسين بن عليّ بن شيرويه النيسابوريّ التاجر، مسند خراسان، وآخر من حدّث عن الحيري والصيرفي صاحبي الأصمّ. توفي في ذي الحجة عن ست وتسعين سنة.
قال السمعاني: كان صالحاً عابداً رحل إليه من البلاد.
وأبو القاسم الرزّاز عليُّ بن أحمد بن محمّد بن بيان، مسند العراق، وآخر من حدّث عن ابن مخلد وطلحة الكتّاني والحرفيّ. توفي في شعبان عن سبع وتسعين سنة.
والغسّال أبو الخير المبارك بن الحسين البغداديّ المقرئ الأديب شيخ الإقراء ببغداد. قرأ على أبي بكر محمد بن عليّ الخيّاط وجماعة، وبواسط على غلام الهرّاس. وحدّث عن أبي محمد الخلال وجماعة. ومات في جمادى الأولى عن بضع وثمانين سنة.
وأبو الخطّاب محمود بن أحمد الكلواذاني، ثم الأزجيّ شيخ الحنابلة وصاحب التصانيف. كان إماماً علاّمة، ورعاً صالحاً، وافر العقل، غزير العلم، حسن المحاضرة، جيّد النظم تفقّه على القاضي أبي يعلى، وحدّث عن الجوهريّ، وتخرّج به أئمةٌ. توفي في جمادى الآخرة عن ثمان وسبعين سنة.
والحنّائي أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد الدمشقي، من بيت الحديث والعدالة. سمع أباه أبا القاسم، ومحمداً وأحمد ابني عبد الرحمان بن أبي نصر، وابن سعدان، وطائفة: توفي في جمادى الآخرة ع سبع وسبعين سنة.
وأبي النَّرسي أبو الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون الكوفيُّ الحافظ. روى عن محمد بن علي بن عبد الرحمان العلوي وطبقته بالكوفة. وعن أبي إسحاق البرمكيّ وطبقته ببغداد. وناب في خطابة الكوفة. وكان يقول: ما بالكوفة من أهل السنة والحديث إلا أنا.
وقال ابن ناصر: كان حافظاً متقناً ما رأينا مثله. كان يتهجّد ويقوم الليل.
وكان أبو عامر العبدريّ يثني عليه ويقول: ختم به هذا الشأن. توفي في شعبان عن ستٍ وثمانين سنة، ولقّب أبيّاً لجودة قراءته. وكان ينسخ ويتعفّف.
وأبو بكر السمعانيُّ محمد ابن العلامة أبي المظفّر منصور بن محمد التميمي المروزيّ الحافظ، والد الحافظ أبي سعد. كان بارعاً في الحديث ومعرفته والفقه ودقائقه، والأدب وفنونه، والتاريخ، والوعظ. روى عن محمد بن أبي عمران الصفّار، ورحل فسمع ببغداد من ثابت بن بندار وطبقته، وبنيسابور من نصر الله الخشناميّ وطبقته، وبإصبهان والكوفة والحجاز، وأملى الكثير وتقدم على أقرانه، وعاش ثلاثاً وأربعين سنة.

.سنة إحدى عشرة وخمس مئة:

فيها عرفت سنجار، وانهدم سورها، وهلك خلق، وجرّ السيل باب المدينة مسيرة مرحلة، فطمّة السيل ثم انكشف بعد سنين. وسلم طفلٌ في سرير تعلّق بزيتونةٍ ثم عاش وكبر.
وفيها ترحّلت العساكر عن حصار الباطنيّة بالألموت لمّا بلغهم موت السلطان محمد.
فتوفي السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن طغربك بن ميكائيل ابن سلجوق التركيُّ، غياث الدين، أبو شجاع. كان فارساً شجاعاً فحلاً ذا برٍّ ومعروف. استقل بالملك بعد موت أخيه بركياروق وقد تمّت لهما حروبٌ عديدة. وخفق محمدٌ أربعةً قد ولّوا السلطنة: محمود ومسعود وطغريك وسليمان.
ودفن في ذي الحجة بإصبهان في مدرسة عظيمةٍ للحنفية. وقام بعده ابنه محمود ابن أربع عشرة سنة ففرّق الأموال. وقد خلّف محمد أحد عشر ألف ألف دينار سوى ما يناسبها من الحواصل وعاش ثمانياً وثلاثين سنة. سامحه الله.
وفيها توفي أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف اليوسفيُّ البغداديُّ، راوي سنن الدارقطني عن أبي بكر بن بشران، عنه. وكان رئيساً وافر الجلالة. توفي في شوّال عن ست وسبعين سنة.
وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي- وبرج من قرى إصبهان- سمع أبا نعيم الحافظ، وأجاز له أبو عليّ بن شاذان، والحسين الجمّال. توفي في ذي القعدة عن أربعٍ وتسعين سنة، وكان صدوقاً.
وأبو عليّ بن نبهان الكاتب محمد بن سعيد بن إبراهيم الكرخي مسند العراق. روى عن ابن شاذان، وبشرى الفاتني، وابن دوما، وهو آخر أصحابهم.
قال ابن ناصر: فيه تشيّع، وسماعه صحيح. بقي قبل موته سنةً ملقىً على ظهره لا يعقل ولا يفهم، وذلك من أوّل سنة إحدى عشرة.
قلت: توفي بعد ذلك بتسعة أشهر في شوّال. وله سنة كاملة، وله شعرٌ وأدب.
وأبو زكريّا يحيى بن عبد الوهاب ابن الحافظ ابن عبد الله محمد ابن إسحاق بن منده العبديُّ الإصبهانيُّ، صاحب التاريخ. روى عن ابن ريذه، وأبي طاهر بن عبد الرحيم، وطائفة. ثم رحل إلى نيسابور فسمع من البيهقيّ وطبقته، ودخل بغداد حاجّاً في الشيخوخة فأملى بها.
قال السمعانيُّ: جليل القدر، وافر الفضل، واسع الرواية، حافظ ثقة، فاضلٌ، مكثر، صدوق كثير التصانيف، حسن السيرة، بعيدٌ من التكلّف، أوحد بيته في عصره. صنّف تاريخ إصبهان. توفي في ذي الحجة وله أربع وسبعون سنة، وآخر أصحابه الطرسوسيّ.